الثلاثاء، 9 أبريل 2013

الحاسب الآلي وسيلة ضرورية في التعليم

مداخلة
خالد بن عبدالله الغملاس - جريدة الرياض


 اطلعت على ما كتبه الأخ الأستاذ محمد البهلال في جريدتنا الغراء "الرياض" في عددها 14339يوم الخميس الموافق 2007/9/17تحت عنوان (إلى متى التأجيل يا وزارة التربية والتعليم!؟). وقد تطرق الكاتب الى قضية التأخر في تدريس منهج الحاسب الآلي في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. أتفق مع الكاتب بأن التعليم والتعلم باستخدام الحاسب الآلي لا يزال غير مرض ولم يحقق الهدف المنشود منه حتى الآن (كما ورد في بعض البحوث التربوية السعودية في هذا المجال). والحقيقة ان المتتبع لما يحدث حالياً في بعض الدول المتقدمة - كأستراليا مثلا - هو طريقة التعليم والتعلم باستخدام الحاسب الآلي (learning with computers) وليس تعليم الحاسب الآلي نفسه (learning about computers). وهذا ما تحاول وزارة التربية والتعليم تحقيقه من خلال مشروع تدريس الحاسب الآلي بأسلوب المنهج المدمج في المدارس الابتدائية والمتوسطة، والذي بدأ بقرار معالي الوزير رقم 544/17وتاريخ 1423/1/18ه..
إن الدول المتقدمة مرت بتجربة مريرة مع تدريس الحاسب الآلي كمقررات دراسية، والتي استبدلت بما يسمى بالتعليم بمساعدة الحاسب الآلي (Computer Assisted Learning) والتي تهدف الى دمج التقنية الحديثة في التعليم لإيجاد بيئة تعليمية فعالة لجميع المواد الدراسية كاللغة والعلوم والرياضيات والتاريخ وغيرها، وكأن الحاسب الآلي ليست مجرد مقرر دراسي، وإنما هو وسيلة للتعلم والتعليم الحديث لا غنى للمتعلم عنه، وللأسف فإن الحاسب الآلي لا يزال يستخدم في كثير من دول الوطن العربي كمقرر دراسي منفصل عن باقي المناهج، الأمر الذي يجعل معلماً واحداً فقط هو المسيطر على تقنيات الحاسب الآلي في المدرسة وهو معلم الحاسب الآلي.
وبما ان الدول المتقدمة قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال وحسمت الموقف في هذه القضية منذ زمن، فيجب على الدول العربية ان لا تعيد تكرار نفس السيناريو حفظاً للوقت والجهد والمال. ولتحقيق دمج فعال لتقنية المعلومات والاتصالات في التعليم فإن هناك بعض الجوانب التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، من ذلك مثلا:
1- يجب دراسة البنية التحتية للمدارس والمؤسسات الحكومية المتعلقة بالتعليم لمعرفة مدى قدرتها على استيعاب تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة، ويفترض ان تساهم المؤسسات المسؤولة عن تقنية المعلومات والاتصالات في ذلك، فلا يمكن بأي حال من الاحوال مواكبة ما وصلت اليه الدول المتقدمة من مخرجات في حين ان المدخلات الاساسية قاصرة على تحقيق متطلبات التوسع والتطوير في التعليم.
2- إن الشغل الشاغل للدول المتقدمة، والذي يفترض ان تقوم وزارة التربية والتعليم بوضعه ضمن أولوياتها هو تدريب أكبر عدد ممكن من معلمي جميع المواد بدون استثناء على كيفية الاستفادة من الحاسب الآلي وتقنية الاتصالات والمعلومات في التدريس، وأن لا تسمح بانضمام معلمين جدد الى منسوبيها حتى تتأكد من اتقانهم لاستخدام الحاسب الآلي في التعليم. لذا ينبغي ان تبدأ وزارة التربية والتعليم بصياغة المعايير التي تحدد الكفاية التقنية المطلوبة ومن ثم تقوم بتحفيز منسوبيها للحصول على شهادة إتقان للحاسب الآلي واستخدامه في التعليم ومنحهم الدوافع المعنوية والمادية التي تساهم في تحملهم للمسؤولية، ولا ننسى ان الرضا الوظيفي من اهم الجوانب التي تحفز وتهيئ الموظف للقيام بواجباته نحو مهنته، فلا يمكن مثلا ان نحرم المعلم من أبسط حقوقه في ترقيته الى مستواه الذي تعين عليه ثم نطلب منه اتقان مهنته. كما ينبغي على الوزارة التركيز على تدريب المعلمين ليس فقط على معرفة الحاسب الآلي، وإنما كيفية استخدامه تربوياً في تدريس الطلاب، كما يجب ان يتم التركيز على جوانب الكم والكيف والنوعية عند تطبيق خطط التدريب.
3- يجب ان يدرك ويشارك المجتمع اطرافه في تنفيذ مشروع الدمج الفعال للتقنية الحديثة في بيئة التعليم والتعلم، إن الوالدين مسؤولان بالدرجة الاولى في توعية ابنائهما بأهمية الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الحديثة في التعلم بالاعتماد على أنفسهم في اكتشاف العالم المحيط بهم، ويجب ان لا نغفل دور الاعلام في نشر تلك التوعية للمجتمع كافة ونشر ما يسمى "بالثقافة التقنية" ومحو أمية الحاسب الآلي، فلقد هيمنت الحاسبات الآلية على مجريات الحياة في البنوك، السوق المالية العالمية، خطوط الطيران، المعاملات الادارية، المكتبات، دوائر المعارف.. الخ، حتى المتاجر الصغيرة والاعمال المنزلية الخاصة أصبحت تدار بالحاسبات الآلية.
4- انه من المهم على المؤسسات التعليمية العليا ان تبذل جهداً أكبر في التركيز على البحوث والدراسات التربوية التي تساهم في دراسة جدوى استخدام التقنيات الحديثة وامكانية تطبيقها في بيئات التعليم والتعلم قبل البدء في تطبيقها، كما يجب ان تقوم تلك الدراسات باكتشاف العقبات التي تحول دون تحقيق الاهداف المرجوة من تطبيق تلك التقنيات، بالاضافة الى ذلك ينبغي ان تساعد تلك البحوث على تقويم العملية التعليمية بين الحين والآخر لاكتشاف أفضل السبل المؤدية الى انجاح وتطوير مخرجات التعليم.
الخلاصة، ان ادخال الحاسب الآلي في التعليم ليس هدفاً بحد ذاته، وليس الهدف منه مجرد معرفة مكونات الحاسب الآلي وكيفية تشغيله، بل إن الهدف الأسمى هو إيجاد بيئة تعليمية فعالة تعتمد على التقنيات الحديثة تساهم في رفع مستوى التعليم والتعلم ليواكب مستجدات العلوم والانفجار المعرفي الذي يفرض على جيل المستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق